انه لايجوز الجمع بين الدّية والتعويض في حكم واحد لأن الدية هي عقوبة وحكمها جنائي والتعويض هو مقابل مالي عن ضرر أصاب المتضرر والحكم به حكم مادي.
- القضية المعروضة:-
أمام الدائرة المدنية رفعت الدعوى المدنية حيث طالبت مجموعة من الورثة متضامنين بتعويض عن الضرر المادي والمعنوي وبمبلغ قدره ثمانون ألف دينار مع المصاريف وقالوا في شرح دعواهم أن المدعى عليه ضابط شرطة يتبع اللجنة الشعبية العامة للأمن العام بصفته أطلق أعيرة نارية على مورثهم فأصابت رأسه وتوفى على أثرها وقد اتخذت الإجراءات القانونية وقضت محكمة جنايات طرابلس بإلزام القاتل بدفع الدية واقعة قتل مورثهم وقدرها ثمانون ألف دينار وأن هذا الحكم قد صار نهائياً بعدم الطعن عليه ولقد لحقهم جراء فعل المحكوم عليه أضرار مادية ومعنوية لذلك رفعوا الدعوى بطلب التعويض عن ضرر ناشئ عن جناية وخلصوا إلى طلباتهم.
- قضت المحكمة ..!
قضت في الدعوى بإلزام المدعى عليه بأن يدفع للورثة نفسهم مبلغ عشرة آلاف دينار وبأن يدفع لها بصفتها مبلغاً قدره خمسة وعشرون ألف دينار ولكل واحد من ابنيها.. ويدفع لوالدي المتوفى عشرة آلاف لكل واحد منهما مع المصاريف والاتعاب ورفض ماعدا ذلك من طلبات.
استأنف الطاعنون الحكم أمام محكمة استئناف طرابلس والتي قضت بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وبتأييد الحكم المستأنف وألزمت رافعيه بالمصاريف.
فقرر الطاعنون الطعن بالنقض في هذا الحكم لدى قلم كتاب المحكمة العليا وأودعوا مذكرة بأسباب الطعن.
- الأسباب:-
حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه المقررة قانوناً فهو مقبول شكلاً وحيث إن حاصل ما يعنيه الطاعن على الحكم المطعون فيه بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه.
ووجه الخطأ في تطبيق القانون أن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قضى للمطعون ضدهم بالتعويض لمرتين إذ سبق وأن صدر لصالحهم حكم في الجناية بذات المبلغ المحكوم به وتطبيقاً للمبدأ الصادر في الطعن الجنائي فإنه لا يجوز الجمع بين الدية والتعويض بما يكون معه الحكم المطعون فيه جديراً بالنقض.
وحيث إن هذا العني في محله ذلك أن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن المشرع في القانون رقم "6" لسنة 1423 مسيحي قد أحل الدية بمفهومها في الشريعة الإسلامية محل التعويض المؤسس على أحكام المسؤولية التقصيرية ودون اعتبار للقواعد والمعايير التي يتم على أساسها تقديره متى توافرت الشروط التي حددها القانون سالف الذكر ومنها سقوط القصاص بعد وجوبه بعفو وليّ الدم والذي هو مخير بين أمرين إما طلب القصاص وإما طلب الدية واختياره لأحدهما فإنه يلزم الجاني بغير رضاه ولا يلزم بغيرهما والقول بغير ذلك من شأنه أن يؤدي إلى الالتفاف على أحكام القانون رقم "6" لسنة 1423 وتعطيل أحكامه والتي قصد منها المشرع الأخذ بأحكام القرآن الكريم فيما يتعلق بالقصاص والدية في جريمة القتل العمد.
لأن ضـــــــابط الشرطة وهو يؤدي واجبه ومعه المتوفى بينما كان بينهما شجار قديم فإن المتهم الأول كبته في نفسه وأضـــــــمر الانتقام من المتوفى فبمجرد أن وجد الفرصة قام بإطلاق النار عليه حيث أصابه في رأسه فقتله متعمدا.
وإذا خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر ورفض دفع الطاعين بعدم جواز الجمع بين التعويض والدية طبقاً للقانون رقم "6" لسنة 1423 مسيحي تأسيساً على أن الحكم بالدية عقوبة وأن الحكم المستأنف صدر تنفيذاً للحكم الجنائي الذي قضى بمعاقبة تابع الطاعنين بأن يدفع لورثة القتيل ثمانين ألف دينار تطبيقاً لأحكام الدية بما يكون معه قد أقر الجمع بين الدّية والتعويض وهو مالا يجوز قانوناً على النحو السابق البيان مما يعيبه بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وهو مما يوجب نقضه.
ولما كان مبنى النقض مخالفة القانون وكان الموضوع صالحاً للفصل فإن المحكمة نقضي فيه طبقاً للقانون عملاً بنص المادة "358" من قانون المرافعات.
فلهذه الأسباب..
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وفي الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به وبرفض الدعوى وإلزام المطعون ضدهم بالمصاريف عن الدرجتين وبمصاريف هذا الطعن .
رفعت الجلسة
منقول عن مجلة اويا
المفضلات